أصدرت المحكمة الأوربية اليوم الأربعاء، 21 دجنبر 2016، قرارا بإلغاء حكمها الصادر ابتدائيا بتاريخ 10 ديسمبر 2015، و الذي كان قد ألغى جزئيا اتفاقية التبادل الحر للمنتجات الزراعية، الموقعة سنة 2012 بين الاتحاد الأوربي و المملكة المغربية، بسبب تضمينها منتجات الصحراء الغربية، رافضة بذلك الطعن الذي قدمته جبهة البوليساريو، استجابة لتوصيات المحامي العام لدى هذه المحكمة في 13 سبتمبر الماضي، الذي اعتبر أن جبهة البوليساريو لا تمثل ساكنة الصحراء الغربية فيما يخص المصالح الإقتصادية و بالتالي لا يحق لها الترافع في هذه القضية.
وحملت محكمة العدل الأوروبية، و مقرها في لوكسمبورغ، جبهة البوليساريو مصاريف الدعوى كاملة.
و كان المغرب قد أعلن يوم 25 فبراير 2016 تعليق علاقاته الرسمية مع كافة مؤسسات الاتحاد الأوربي باستثناء ما يتعلق بالاتصالات المرتبطة بملف الطعن ضد الاتفاق الفلاحي، و جاء رده صارما و جاء فيه أن المغرب قد "جدد رفضه القاطع لقرار محكمة الاتحاد الأوربي الصادر في 10 ديسمبر 2015، كما استنكر طابعه السياسي المحض والاعتبارات التي لا أساس لها من الصحة التي استند إليها، والمنطق المغلوط و الخلاصات التي اعتمدها في خرق للقانون الدولي وتناف مع قرارات مجلس الأمن لمنظمة الأمم المتحدة" .
و مباشرة بعد اتخاذ المغرب لهذا الموقف، سارعت المفوضة الأوربية للسياسات الخارجية و سياسات الأمن المشترك، فيديريكا موغريني، عبر الناطقة باسمها كاثرين راي، إلى عقد ندوة يوم 26 فبراير بمقر الإتحاد الأوربي ببروكسيل، لتعلن بأن "الاتحاد الأوروبي سيقدم توضيحات و ضمانات إضافية من أجل الاستجابة لمخاوف المغرب"، مضيفة أن الإتحاد الأوربي "على اتصال مباشر و على مختلف المستويات بالمغرب لمعالجة هذا الملف".
كما تحركت الأطراف الأوربية المستفيدة من اتفاقية التبادل التجاري الحر مع المغرب للتعبير عن مخاوفها من تأثير القرار المغربي على مصالحها، حيث أبدت في هذا الإطار حكومة الأندلس قلقها من خلال تصريح وزيرة الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية بالإقليم، كارمن أورتيث، التي قالت إن "اتفاقيتي الصيد البحري والفلاحة لا تزالان ساريتي المفعول إلى غاية 2018، و نتمنى أن لا يتأثرا بسبب موقف السلطات المغربية"، مضيفة أن "حكومة إقليم الأندلس لا ترغب في قطع علاقاتها التجارية مع الحكومة المغربية، رغم قرار محكمة العدل الأوروبية الذي أقر بإلغاء البرتوكول الفلاحي مع المملكة، لأن هذه الخطوة سيكون لها تأثير مباشر على الطبقة العاملة في تجارة الفواكه والخضر والصيد البحري، وقطع المغرب لعلاقاته التجارية مع الاتحاد الأوروبي سيمس الاقتصاد المحلي للمنطقة".
من جانبه قال الوزير الألماني المكلف بالتعاون الاقتصادي والتنمية، جورد مولير، خلال زيارة له إلى المغرب يوم 26 فبراير، أن "ألمانيا تتفهم موقف المغرب بخصوص قرار محكمة الاتحاد الأوروبي المتعلق بتطبيق الاتفاق الفلاحي، ونريد القيام بكل شيء لكي ينخرط المغرب في هذا المسلسل على قدم المساواة".
و استطاع المغرب أن يصبح رقما صعبا لم يعد بالإمكان تجاوزه بسهولة و ذلك من خلال توظيفه لنقط قوته كمحاربة الإرهاب و الهجرة و تمتعه بالاستقرار في منطقة مضطربة و معالجة نقط الضعف لديه من خلال تنويع شركائه الإقتصاديين عبر شراكات مع إفريقيا و الدول الصاعدة في العالم و تنويع اقتصاده من فلاحة و صناعة و خدمات و تحسين مؤشراته الحقوقية عبر انفتاحه على آليات الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، و هو ما جعله يحصل على صفة الوضع المتقدم مع الإتحاد الأوربي، هذا في الوقت الذي ماتزال فيه قيادة البوليساريو تمني النفس بأن المغرب معزول دوليا و قريب من السكتة القلبية.
محمود الخليل